الخرطوم : هتو اس دي Hato Sd
كتب : سيد الطيب
تحول شعار الثورة المصرية "عيش حريه عدالة اجتماعية" مع مرور الايام الي مطالبة بإطلاق سراح معتقلين من ثوار شاركوا في صياغه حلم جيل يناير واضاعوه بتفويض العسكر وعدم استغلال تلك الفترة في بناء اجسام مهنيه ونقابية ومدنيه قادرة على اكمال التغيير عبر صناديق الاقتراع.
ولان الجيل الواحد لا يصنع ثورتين فأما ان يحافظ على ثورته ويكمل طريقه او يتحول الي جيل منهك من الاعباء النفسيه والفتور الذي يلي الثورة ويصبح حامل لليأس والاحباط والغضب دون فعل يوازي المرحلة ويعيد للايام دورتها تجاه الشمس.
بعد ايام يأتي العام الثاني لثورة ديسمبر السودانيه المجيدة التي دفع ثمنها الشعب السوداني على مدى ثلاثين عام من الدم والدموع مئات الالاف من الشهداء في كل ربوع الوطن، مئات الالاف من المعتقلين من كل فئات الشعب، مئات الالاف من الجرحى والمصابين وضحايا التعذيب في بيوت الاشباح وزنازين نظام المخلوع، ملايين النازحين واللاجئين من ضحايا الحروب، ومئات الالاف من المفصولين بإسم الصالح العام من الخدمة المدنية والعسكرية. يأتي ديسمبر هذا وصوت الحديث عن الحريه والسلام والعدالة اصبح يتراجع خطوة تلو الاخرى امام الضغوط المعيشية والغلاء والوباء الذي اضعف حركة الشارع وجعل صفحات الفيسبوك في معظمها اما بها خبر وفاة او خبر مريض ندعو له بالشفاء في محيط اهل وجيران واصدقاء ومعارف وزملاء العمل او الدراسة لكل منا، ويكاد لا يخلو بيت سوداني من حالة وفاة او مريض يبحث عن علاج في ظروف اقتصادية طاحنة ووضع صحي متهالك شفى الله جميع المرضى ورفع عن اهلنا وبلادنا الوباء والبلاء والغلاء.
فشل الحكومة في التعامل مع ملف الاقتصاد الصحة التعليم والخدمات والقصاص للشهداء والعدالة لكل مظلوم لا يحتاج الى دليل فهو امر نعيشه في بيوتنا وشوارعنا ومدارسنا وجامعاتنا ومستشفياتنا واسواقنا ولكن الحكومات تتغير وتسقط والشعب الذي اسقط الدكتاتور الذي ظن انه شيع الروح الثورية من نفوس السودانيين الى الابد قادر على اسقاطها تالت ورابع وعاشر فهو الشعب الناهي الآمر وكما قال الاديب الطيب صالح "الأوطان هي التي تبقى وأن الهدف يجب أن يكون بقاء الوطن وليس بقاء أي حكم أو نظام"
فهذا ليس بالامر الجلل ولكن الاهم منه ان نسأل انفسنا ما الذي فعلناه في بناء الاجسام التي توقف الردة وتكمل الطريق، كيف حال لجان المقاومة التي لا تزال خط دفاع الثورة هل تمت تقويتها وتوسعة المشاركة فيها بالشكل المطلوب لطريق شاق وطويل، اين النقابات المهنيه والحرفية القادرة على ترجيح كفة الشارع بعد خفوت نجم تجمع المهنيين قبل اكمال مهمة بناء النقابات؟ هل سنكتفي بالقول ان لجنة ازالة التمكين لم تنجز مهمتها واذا تم حل اللجنة كما هو مخطط له من فلول النظام واعوانهم من العسكر والمتواطين معهم هل فينا من قام بفتح بلاغ في كوز يعلم انه لص او قاتل هل فينا من قام بإجراءات قانونيه ضد امنجي قام بتعذيبه في المعتقل؟
رغم كل الضغوط والاعباء النفسيه والجسدية التي اصابت الكثيرين مع طول طريق التغيير وخذلان الحكومة الانتقالية للثوار والثورة ولكن تبقى الحقيقة ان الجيل الواحد لا يقوم بثورتين هي ثورة واحدة اما ندوس على الجروح ونتعلم منها ونكمل الطريق او سنخذل من رحل منا وترك لنا امانه الحريه والسلام والعدالة فالثورة ليست طريق مستقيم وطبيعي ان تمر بحالات مد وجزر كحال اي تغيير عظيم وطويل الامد حتى اذا كنا صحابة او رسل مؤيدين بالوحي لن ننجو من هذه المرحلة بسهولة (حتى اذا استيأس الرسل) وسنظل معرضين للامتحان تلو الاخر حتى ينجح الاكفأ والمجتهد فحتى في المراحل التعليمية يظل الطالب يخضع لامتحان سنوي او نصف سنوي من الابتدائي حتى التخرج من الجامعة حتى يثبت قدرته فنجاحه في عام لا يعني نجاحه في الذي يليه ناهيك عن امتحان النضال الذي لا ينجح فيه الا من كان تلميذا مخلصا ومجتهدا في مدرسه الشعب والمدرسه فاتحه على الشارع فالنحافظ عليه مهما طال الطريق.
كتب سيد الطيب